بين الحياة المفعمة بالألوان والحياة الرمادية خيط رفيع، إن تحكمنا به أدركنا أن الحياة توازن بين النور والظلام. سنحاول هنا أن نعرض فكرة ما وأنت ستحاول أن تستنتجها، فلنبدأ الرحلة.
أولًا الملاحظة:
أنعيش حياة رمادية أبدية؟ أين اختفت الألوان البهية؟ الشمس في أوج سطوعها لا تضيف لي نورًا...
أرى الطريق ولا أرى سوى رمال وغبار وأشجار رمادية، يبدو أن عاصفة غطتها بالغبار...
هناك أطفال يلعبون في الشارع، يا لهم من مساكين، يضحكون وهم يتظاهرون بأنهم أكبر عمرًا ويعملون!
مصيرهم حياة رمادية لا لون لها...
أتعجب من ذاك الذي يضحك مع هاتفه، كم من الوقت مر وهو يخمد مشاعره بالتصفح؟
بعد قليل سيرفع رأسه ويرى كيف أصبحت الحياة مظلمة.
نعم ها هو يرفع رأسه وتختفي الابتسامة في لحظتها.
أرى الأزهار والورود تحني رأسها، أوراقها خضراء وجذورها ممتدة، لماذا تحني رأسها؟
ربما لأنها ذكية، تقرأ التعاسة في وجه الإنسان، تقرر أن تنظر فقط لأوراقها الخضراء وتربتها الخصبة.
ثانيًا الإدراك:
لأي درجة نحن نحتاج الرؤية الواضحة؟
لأي درجة نحتاج النور؟
وربما الأهم لأي درجة نحتاج الظلام؟
أفكر مجددًا، هذه الحياة الدنيا ما هي إلى تكامل بين الظلام والنور، كلًا منهما له تأثيره على الآخر.
دون الظلام ما كنا سنستشعر عظمة النور، ودون النور ما كنا سنخاف من الظلام ورهبته.
ثالثًا القيمة:
تخيل معي عزيزي القارئ لو كنا في نور دائم، كان النور سيكون من مسلمات حياتنا، لن نهتم لوجوده.
حتى ربما نحاول أن نغرق أنفسنا في الظلام عمدًا؛ رغبةً في استشعار أهميته. في النهاية لن نشعر بالنور لأننا دائمًا سنبحث عن الظلام.
تخيل أيضًا لو كنا في ظلام تام، سنخاف ونحزن ونعيش أسوء أوضاع حياتنا.
هناك نعمة واحدة، سنتحرق شوقًا لنرى النور، سنشتاق لنور لم نشهده، وفي لحظة، الظلام ينتهي، ونبصر النور...
تخيل الفرحة عزيزي القارئ، تخيل هذه الحالة الجميلة من الاطمئنان والنعمة العظيمة، التي لم نكن سنعرف قيمتها دون الظلام.
المغزى من هذا، لا تقلق فرحة الوصول إلى النور والسرور أقوى من فرحة وجودك فيه.
استشعر النعم واحمد الله عز وجل...
الخيط الرفيع بين الحياة الرمادية والحياة الحقيقية هو الامتنان، أن تطمئن بأن النعم أكثر وأهم من ما ليس تحت سيطرتك.
لو كنت في ظلام، استعد للنور والسعادة، استعد للطمأنينة.
بقلم ترتيل عوض
كُتب من القلب، دون تدقيق أو تفصيل...