 |
| Remember you why you started by Cristofer Maximilian @cristofer on Unsplash |
فقدان الشغف: كيف تعيد شعلة شغفك؟
كثيرًا ما نسمع عن الشغف وكيف أنه مهم لتصل لطموحك، ولكن متى بدأنا البحث عنه؟ لماذا يُفرض علينا أن نكون شغوفين بما نفعله؟ أحيانًا الحياة تجبرنا على إختيار الضروري بدلًا من الأكثر شغفًا، هل في هذه الحالة أصبحنا آلات لا تشعر بالحماس؟
كل هذه الأسئلة وأكثر نحاول الإجابة عنها في ريشة الأمل بإذن الله. الآن لنبدأ خطوة خطوة، في هذا المقال سنتكشف الشغف وأسباب فقدانه والأهم كيف تعيد شغفك؟
ما هو الشغف؟
الشغف لغةً هو الحب الشديد، وهنا نقصد به الحب الشديد والرغبة في التميز في نشاط معين أو هواية معينة. الشغف يمكن أن يكون تفضيل نشاط عن غيره، ونقول نشاط لأن الإنسان بإمكانه أن يكون شغوفًا بعمله أو دراسته أو هوايته، ليس فقط العمل والمسار المهني. يمكنك أن تكون شغوفًا بعدة أمور ليس من الضروري أن ترى الحياة من نافذة واحدة.
متى أعتبر شغوف تجاه أمر محدد؟
عندما تشعر بالسعادة والحماس فور قيامك بالنشاط، أيضًا عندما تسعى لأن تتقن هذا الأمر وتتحسن فيه أملًا أن تصل إلى مكانة عالية في هذا المجال.
كيف أكتشف شغفي؟
لتعرف وتكتشف شغفك عليك بالتجربة، حاول أن تكون متفتح للتجارب الجديدة. جرب هوايات عدة وتعلم مهارات مختلفة، حتمًا ستجد إحداها الأقرب لقلبك وحتى لشخصيتك!
هل من الضروري أن أتبع شغفي وخصوصًا في الحياة المهنية؟
الشغف مهم إذًا الإجابة الكلاسيكية هي نعم. لكن في ريشة الأمل نرى أنه يمكن للفرد أن يصقل كينونته لتناسب احتياجاته الخاصة، أي يمكن للفرد أن يتبع شغفه وما يحبه وفي ذات الوقت يمكنه أن يستمر بالسعي نحو تحقيق مسؤلياته. مثلًا قد يكون أحدهم شغوف بالزراعة ولكنه يملك مؤهلات لمهنة توفر دخل أفضل، في هذه الحالة يمكنه أن ينمي شغفه في أوقات الفراغ ويعمل في مهنته. حتى يأتي الوقت الذي يوفر فيه رأس مال ليفتتح مشروع أو عمل مربح من شغفه، وهكذا يعمل في مجاله المفضل دون أي خسارات والله أعلم.
هل ينتهي الشغف؟
سؤال مبهم، الشغف حالة تأتي وتختفي، تخيل الشغف كقمة جبل، وفقدان الشغف كوادي. إذًا قد ينتهي الشغف لفترة معينة ثم يعود، أو قد يستبدل شغفك تجاه أمر معين بأمر مختلف، المسألة مسألة وقت.
ما أسباب فقدان الشغف؟
فقدان الشغف له أسباب متعددة ربما أكثرها تنبع من داخلنا ومن تلك الأسباب:
رغم أن جميع الأهداف على هذه البسيطة تحتاج لوقت كافي، الإنسان بطبعه يستعجل الخير وهذا يجعله غير قادر على أن يصبر ليحصل على نتائج مُرضية؛ بالتالي يشعر أن ما يفعله هباء منثور ويفقد شغفه.
يشعر الفرد بالإحتراق النفسي عندما يستهلك كل طاقته النفسية والجسدية في العمل او في نشاط معين، حتى وان كان متيم بهذا الشغف سيشعر بعدم القدرة على التركيز وإنجاز اي شيء حتى لو كان بسيط. في هذه الحالة أخذ راحة هو الحل الوحيد.
من الأسباب الأخرى لفقدان الشغف، الروتين والإستسلام عند أول خطأ والمقارنات السيئة.
هل فقدان الشغف اضطراب نفسي؟
فقدان الشغف قد يكون من أعراض العديد من الحالات النفسية كالاكتئاب واضطراب ثنائي القطب وغيرهم. لكن فقدان الشغف بحد ذاته ليس اضطراب إنما حالة طبيعية طالما لا تؤثر على حياتنا ووظائفنا الحيوية كالنوم والأكل وغيرهم.
ما الفرق بين فقدان الشغف و إنعدام التلذذ (ahendonia)؟
انعدام التلذذ ahendonia هو اضطراب نفسي يجعل الفرد غير قادر على الشعور بالمتعة والشغف والسعادة. الفرق الأساسي بين فقدان الشغف وإنعدام التلذذ هو الفترة والكمية، أقصد أن انعدام التلذذ هو فقدان الشغف في كل النشاطات الإنسانية وليس فقط الهوايات والعمل، إنما حتى الأكل والحركة والتواصل.
انعدام التلذذ ahendonia يشمل نوعين:
١. إنعدام التلذذ الإجتماعي، في هذه الحالة الإنسان لا يرغب أبدًا في التواصل مع الآخرين وقد ينسحب من كل دوائره الإجتماعية.
٢. إنعدام التلذذ الفيزيائي أو الجسدي، وهذا النوع يجعل الفرد لا يشعر بالمتعة في التواصل الجسدي كالأحضان. أيضًا الطعام لا يصبح له طعم أو لذة، وكثير من الأحيان لا يرغب الفرد في تناول الطعام. ¹
هل فقدان الشغف لفترة طويلة يعني أنه يجب على الفرد تغيير مجاله؟
يجب عدم التسرع في هذا القرار خصوصًا إن كان قرار يخص مسيرتك المهنية. تريث وحاول إستعادة شغفك. إن شعرت بالحزن والإستياء والتعب النفسي الذي يمنعك من الإستمرار، تواصل مع المختصين في الصحة النفسية أو المقربين منك، ثم اتخذ قرار واعي بتغيير المجال أو الإستمرار فيه باستراتيجيات مختلفة.
كيف أستعيد شغفي؟
لحسن الحظ هناك عدة خطوات وطرق تساعدك على استعادة شغفك والتعامل مع الآثار الناتجة عن فقدان الشغف، منها:
خذ راحتك وابتعد
أفضل طريقة للتعامل مع فقدان الشغف هي أن تبتعد وتأخذ فترة إستراحة. طالما لم تعد مستمتعًا بهذا النشاط توقف عنه لفترة؛ أخذ راحة بين كل فترة وأخرى يساعدك على إعادة ترتيب أولوياتك وتجديد علاقتك بنفسك، والأهم تعتنق أمور جديدة ومشوقة.
ابتعد وخذ وقت للراحة والشعور باليقظة، جرب أمور مختلفة. الزمن سيتيح لك الفرصة إما أن تستعيد شغفك وإلهامك أو قد يفسح المجال لتجربة هوايات جديدة وبناء أحلام جديدة.
انظر لنفسك
فقدان الشغف
طبيعي غالبًا، في فترة الراحة اعد تركيزك لذاتك بدلًا من شغفك. تذكر الأوقات التي كنت فيها شغوفًا ومتحمسًا للمزيد، تذكر دافعك الأول وحاول استحضار ذلك الشخص الطموح مرة أخرى. تذكر أحلام طفولتك وإبدأ بتجميع أفكارك الطفولية واهتم بإعادة ممارسة هوايتك القديمة.
تخيل نفسك وأنت في أفضل حالاتك، تخيل أفضل نسخة منك. حاول أن تكوّن رؤية واضحة يُمكن تخيلها وأنت تصل إلى طموحك، وأنت تسعى لتحقيق شغفك وبالفعل وصلت للقمة.
قرأت في مكان ما أنك ستصل لا محالة لكل نجاح تستطيع تخيله بالتفاصيل. اغمض عينيك وضع المؤقت على ١٠ دقائق، تنفس بعمق وتتبع نفسك، حاول أن ترسم صورة لك وأنت تحقق مبتغاك، اجمع أكبر قدر من التفاصيل وعش تفاصيل يومك المثالي.
ملاحظة: إن فاجئك المنبه وسحبك من أحلامك، لا بأس أطفئه وأكمل😂
جهز بيئة مناسبة لإلهامك
حارب فقدان الشغف بالإلتفات لبيئتك الملهمة، اخلق جو وبيئة تناسب إهتماماتك وتعرف على ما يشعل لهيب حماسك. يمكنك تجهيز اقتباسات وصور ملهمة وتعليقها على الجدار، كما يمكنك أن تجد فيديوهات ملهمة لتبدأ بها يومك. يمكنك أن تضع إنجازاتك في مكان تراه دومًا؛ لتعزيز ثقتك بنفسك وأيضًا ليستمر شغفك.
كوّن محيط مهتم بشغفك
تواصل مع المهتمين بشغفك وزملائك في الأحلام، ستجد منهم الدعم والمنافسة اللازمة لتتفوق. انضم لنادي أو مجموعة مهتمة بمجالك، وان لم تجد أسس هذا النادي بنفسك! أضف المهمين في مجالك على مواقع التواصل الإجتماعي واقرأ لمن يهتم بشغفك.
كل تلك الطرق تساعدك على إستعادة شغفك والتعامل مع فقدان الشغف، لا تنسى أن آراء المميزين في مجالك ستضيف لك الكثير!
احتفل بإنجازاتك الصغيرة
فقدان الشغف من أسبابه عدم تقدير الذات وجلد الذات. لتتجنب هذه الأفكار السلبية فكر أيضًا في إنجازاتك وإن كانت صغيرة، قسم مهماتك إلى مهام صغيرة وبمجرد تنفيذها احتفل بذاتك!
ضع نفسك في الأمر الواقع
اتخذ الخطوة الأولى وفاجئ نفسك بالأمر! نعم افعل شيء يجعلك تلتزم بشغفك حتى إن لم تكن مستعد. الخطوة الأولى هي ما يسبب للأفراد قلق في المقام الأول، والذي يتطور ليصل إلى فقدان الشغف بسبب كثرة الإنتظار وعدم رؤية النتائج. إبدأ الآن واشكر نفسك لاحقًا. إبدأ الآن ولا تقلق لديك فرصة لتتعلم وأنت تقوم بالأمر!
انظر لما تعلمته ليس ما حققته
فقدان الشغف يجعلك تنظر إلى الأمور بصورة قاتمة، عندما تشعر بأنك لم تعد مستمتعًا بشغفك حاول أن تفكر وتسترجع ما تعلمته وتقدمك في هذا المجال. لا تفكر في النتائج جرب أن تتذكر رحلتك لتصل إلى ما أنت عليه اليوم، انت قطعة فنية لم تكتمل بعد!
من تجربة شخصية، أرى أن فقدان الشغف مجرد حالة مؤقتة تتوزع بصورة عشوائية في أزمنة وفترات مختلفة من حياة الإنسان. أحيانًا يكون فقدان الشغف تنبيه لرغبة داخلية بالتجديد، وكثيرًا من الأحيان هو إنذار لك لتتوقف وتأخذ نفس عميق وتبتعد قليلًا؛ ربما لحمايتك من استهلاك طاقتك الاستيعابية وربما لحمايتك من هذا الضغط وربما لتعود بقوة أكبر وعزيمة أقوى.
بقلم ترتيل عوض
المصادر:
