التعامل مع المواقف الغير منتهية: استراتيجيات الوصول إلى الخاتمة
نحيا جميعًا في هذه الحياة ونحن خائفين من فقدان السلام، قد يتمثل هذا السلام والإطمئنان على صورة إنسان أو غرض عزيز علينا، أو حتى فكرة عميقة الجذور في دواخلنا. قد يكون هذا السلام نتاج حالة وجودية اعتدنا على اعتبارها نوع من أنواع إعادة التوازن الداخلي، حتى وإن لم تكن حقيقة! كل هذا منطقي ولا خلاف عليه، من يريد التخلي عن مصدر سلام داخلي؟
أحيانًا يتهرب العقل من ايجاد تفسير منطقي لبعض المواقف، حيث يقوم اما بتجاهلها أو يعرض هذه المواقف لك في كل حين، أملًا أن تجد تفسير نهائي او حل ابدي لهذه المواقف. هذه المواقف هي ما تسمى بالمواقف الغير منتهية وقد وضحها كتاب "الخروج عن النص" ولأكن صادقة هذا ما دفعني للكتابة عنها.
تعتبر المواقف الغير منتهية عبئًا ثقيلاً على عقولنا وأرواحنا، حيث تؤثر بشكل مباشر او غير مباشر على صحتنا النفسية. سواء كانت هذه المواقف الغير منتهية جدال مستمر او نهاية سيئة/غير كافية لبعض النقاشات أو مضايقات لم يتم الرد عليها بصورة مناسبة. تشكل المواقف الغير منتهية صراع داخلي مزعج يعيق النمو الشخصي السليم، وعند تراكم هذه المواقف يصبح الفرد أقل قابلية على رؤية الأمور والحُكم عليها بشكل صحيح. في العلاج النفسي هناك ما يسمى ب "سيكودراما"، السيكودراما تتمثل في الجلوس أمام كرسي فارغ، وتتخيل وجود الشخص -الذي كان في الموقف- وتتحدث معه بكل ما يزعجك، طبعًا هذا بوجود المعالج النفسي. حسنًا لكن ان كنت تريد معالجة الوضع بنفسك ماذا تفعل؟ في هذا المقال سنكتشف أفضل الطرق الفعّالة للتعامل مع المواقف الغير منتهية.
 |
| Mindfulness by Lesly Juarez, Unsplash |
طرق التعامل مع المواقف الغير منتهية
 |
| كيف تتعامل مع المواقف الغير منتهية | مدونة ريشة الأمل |
١. تحمل المسؤولية
نحن في هذه الحياة لدينا إرادة حرة بالتالي مسؤولين عن تصرفاتنا. لا تستمع لمن يقول أنه لا سيطرة له على طريقة كلامه أو تصرفه، الأفكار تولد الفعل؛ ونحن قادرين على التحكم بطريقة تفكيرنا. ادرك جيدًا أنك مسؤول عن تصرفاتك، سواء كانت خاطئة أو صحيحة، في كلا الحالتين لا أحد يعرف ما يدور بداخلك لذا أنت أمام الجميع وأمام نفسك مسؤول. كن صريح مع نفسك وتقبل المسؤولية، هذا لا يعني أن تتحمل اللوم، فقط تحمل مسؤولية أفعالك وقف وراءها، وإن أخطأت لا بأس اعترف بالخطأ وامضي قدمًا.
٢. اكتب قائمة بهذه المواقف
احضر ورقة وقلم -فعليًا- واجلس لوحدك وفكر، فكر في كل تلك المواقف المزعجة التي لم تستطع الدفاع عن نفسك بشكل صحيح أو العكس كنت أنت الجاني. كتابة المواقف الغير منتهية تساعدك على تحديد أهمها وأكثرها ازعاجًا، غير ذلك أنت بدأت بفهم نفسك.
اختر موقف واكتب ما الذي أزعجك، ابدأ بكتابة شعورك ثم صدقني ستفهم سبب انزعاجك. كن صريح مع نفسك، لن يقرأ أحد هذه الورقة فقط نفسك. اكتب اعادة لهذا الموقف، تمامًا كأنه سيناريو جديد، لاحظ ما افتقده السيناريو الأصلي واستسلم لفكرة استحالة تغيير ما حدث. ابحث عن أمور مخفية كانت إيجابية.
٤. تواصل مع الطرف الآخر
٤. تواصل مع الطرف الآخر
التواصل مع الطرف الآخر يعتبر من الحلول المقترحة للتخلص من المواقف الغير منتهية، والتواصل هنا لا يعني بالضرورة بصورة مباشرة؛ حيث في بعض الحالات الطرف الآخر غير موجود سواء كان متوفي أو بعيد أو منقطع عنك.
ان كنت لا تستطيع التواصل مع الطرف الآخر، جرب أن تكتب خطاب له. اكتب خطاب توضح فيه رأيك أو لنقل مشاعرك بصورة صادقة، لا ترسل الخطاب إليه ان لم ترد، الأفضل ان تتخلص من الخطاب في الوقت الذي تشعر أنك جاهز لانهاء الأمور.
٥. تبنى طقوس معينة
٥. تبنى طقوس معينة
الآن وبعد أن كتبت كل افكارك ومخاوفك المتعلقة بالموقف، تبنى طريقة معينة تشعرك أن كل شيء انتهى. احرق الاوراق التي كتبتها والخطابات المتعلقة بهذه المواقف، أو قطعها قطع صغيرة تشفي بها غليانك الداخلي، أو ضع الأوراق في بالون وأطلقه يجول في الهواء. اذهب الى الشاطئ وارسل الأوراق في اناء ودعه يجول البحار السبع. اختصارًا افعل أي شيء يشعرك أن الموقف انتهى!
٦. ركّز على اللحظة الحالية واعتنِ بنفسك
٦. ركّز على اللحظة الحالية واعتنِ بنفسك
هذا هو الوقت المناسب لتهتم بنفسك، عندما تشعر أنك تفكر في الماضي كثيرًا أوقف هذه السلسلة، خذ نفس عميق وانظر حولك، انظر للسماء أو الطاولة أو نفسك في المرآة، تنفس واعد تفكيرك للحظة الحالية، كيف تجعل حياتك أفضل.
لا تفكر في إيجاد خاتمة كثيرًا، في بعض الأحيان مهما فعلت لا تستطيع إغلاق جميع المواقف الغير منتهية، تقبل الواقع وانظر حولك، انظر لنفسك!
المواقف الغير منتهية قد تمثل ضغط على حياتنا، وبشكل غير متوقع قد تسبب لنا تراجع في قدراتنا على اتخاذ القرارات والتعامل مع الآخرين. تخيل المواقف الغير منتهية كعدسة عيون ممتلئة بالغبار، لا ترى شيء بشكل جيد بسببها لذا انزع هذه العدسات وانظر جيدًا للحياة.
بقلم: ترتيل عوض
المصادر
كتاب الخروج عن النص | د. محمد طه