..
الإبداع: تعزيز التفكير الإبداعي
الإبداع هو عملية مستمرة لصنع وتجديد فكرة معينة، الإبداع ليس إلا طريقة جديدة لرؤية الأمور، زاوية جديدة. التفكير الإبداعي مهم في جميع مجالات الحياة، كما انه مهم جدًا لجميع الأعمار ولا يقتصر على الأطفال وطلبة المدارس كما يزعم البعض.
نحن نحتاج أن نبدع في عملنا وفي مهامنا اليومية بل حتى في الحفاظ على علاقاتنا الإجتماعية. خلق أفكار جديدة شيء يلزمنا في بيئة العمل وفي حياتنا الطبيعية، حيث أن الإبداع يزيد شعور الثقة بالنفس بالتالي يُحسن مزاجنا ويُحسن الصحة النفسية، في هذا المقال نعرض لكم طرق تعزيز وتنمية التفكير الإبداعي.
Improve creativity, photo by Toa
Heftiba @heftiba on Unsplash
التفكير الإبداعي هو عملية مستمرة لخلق المزيد من الأفكار. الإبداع لا يقتصر على فئة معينة من المجتمع كالفنانين والكُتاب والأطفال، يظهر الإبداع حتى في مجالات العمل المختلفة مثل التجارة والتسويق والإستثمار والبرمجة وغيرها من الأعمال التي تتطلب تفكير إبداعي وخلق أفكار وفرص جديدة في كل حين.
بعد التفكير مليًا، نجد أن الإبداع ليس إلا سمة شخصية تميزنا عن باقي المخلوقات، نحن البشر نفكر بالتالي نحل المشاكل وفي معظم الأحيان نصادف أمور لا حل لها ولكن لا نيأس ونعود لنفكر في حل جديد. التفكير في حل جديد وطريقة أفضل لإنجاز الأمور هو الإبداع بحد ذاته، إذًا "أنا أفكر، أنا مبدع" أليس كذلك؟
تعزيز وتنمية التفكير الإبداعي
الإبداع ليس موهبة فطرية تخص بعض البشر، إنما الإبداع عضلة يمكن تمرينها لتصبح أقوى. من هنا نستنتج أن هناك طرق أساسية فعالة لتعزيز الإبداع، وهم:
◇ خصص وقت للإبداع في كل يوم
◇ الزم نفسك بمهمة إبداعية كل يوم
◇ جرب أنواعًا مختلفة من المعرفة يوميًا
تخيل الإبداع والتفكير الإبداعي كنبتة صغيرة تحتاج لعناية خاصة، هذه النبتة الصغيرة تنمو وتكبر ثم تصبح شجرة متعددة الأغصان ويمتد جذرها إلى عمق الأرض.
إذًا هذه النبتة بحاجة لماء وأسمدة، الماء هو الوقت الذي تشغل نفسك بالتفكير الإبداعي والسماد هو تطبيقك للتفكير الإبداعي.
تمارين يومية لتعزيز التفكير الإبداعي
قمنا بالبحث عن أفضل التمارين والتطبيقات اليومية لتطوير التفكير الإبداعي، ووجدنا العديد من التمارين البسيطة التي يمكنك ممارستها في أي مكان وفي أي وقت. ومن هذه التمارين البسيطة لتعزيز الإبداع:
١. خصص وقت لفعل "اللا شيء"
كما قرأت بالأعلى، يوميًا خصص وقت لعدم فعل أي شيء، قد يكون هذا عكس ما تظنه ولكن مفعوله أسرع. جرب أن تجلس وحدك بصمت وأمامك ورقة فقط أنت وورقة وقلم. لا تكتب أو ترسم شيء، فقط اصمت لأطول وقت ممكن، يمكنك عمل هذا التمرين خارج المنزل أو في الشرفة لنتائج أفضل.
بعد هذا الصمت والملل ستجد أن عقلك يحاول أن يشغلك بأي شيء فجأة ستمسك القلم وتحركه وإن صبرت قليلًا قد تبدأ بالكتابة أو التخطيط أو حتى الرسم.
سيحاول عقلك أن يشغلك بأمور حتى تفكر وعندما تفكر ستجد أنك تنصت لأفكارك بصورة أوضح وسرعان ما سيدهشك عقلك بأفكاره المبدعة أو الغريبة.
نصيحة: سجل أي فكرة ترد في ذهنك في هذا الوقت أراهنك أن إحدى هذه الأفكار الإبداعية لا مثيل لها.
٢. نفذ تقنية أسئلة "لو"
١. ماذا سيحدث لو غيرت هذا الشيء؟
٢. ما الذي سأضيفه لهذا الشيء لو أردت استخدامه بعد عشر سنين؟
٣. ماذا يمكنني فعله لأطور هذا الشيء لو معي مليون دولار؟
يمكنك اللعب بهذه الأسئلة وإعادة تشكيلها كما تريد بشرط أن تضيف "لو" في مضمونها، مثلًا:
١. في رواية ما، لو البطل كان هو الشرير، كيف كانت ستختلف النهاية؟
٢. لو هناك أبعاد اخرى لعالمنا، كيف سنكتشفها؟
٣. لو لدي مبلغ مالي كبير كيف سأصرفه؟
٤. لو أستطعت الذهاب لأي مكان أين سأذهب؟
كما رأيت يمكنك تغيير مضمون السؤال وفي كل مرة ستجد فكرة أفضل، جرب هذه الطريقة واكتب لنا في التعليقات تجربتك.
٣. راقب أحلامك (فعليًا)
الأحلام لها دور كبير في تعزيز الخيال والقوة الإبداعية، والأحلام تمدنا بأفكار لا مثيل لها. قرأت في مكان ما "نام على مشكلتك" أي فكر في أمر ما قبل النوم ثم بنسبة كبيرة ستحلم بالحل أو بهذا الأمر.
هناك العديد من الإكتشافات والأفكار بل حتى الأفلام كانت نتاج فكرة بدأت في حلم صاحبها ومن تلك الأفكار والإكتشافات:
◇ جزيء البنزين تم اكتشافه بعد أن رآه العالم الكيميائي الألماني اوغست في حلمه.
¹◇ فيلم inception كان فكرة ظهرت في حلم الكاتب.
²◇ كتاب "الكتاب الأحمر" يضم فيه الدكتور كارل يونج أحلامه وبعض معتقداته عن الأحلام، كارل يونج هو طبيب نفسي سويسري مشهور، كان يتفق مع فرويد لفترة طويلة ثم اختلفا وانقطعت علاقتهما تمامًا. كارل يونج في هذا الكتاب اطلق سراح خياله ودوّن أحلامه وخيالاته ككلمات ورموز.
◇ الجدول الدوري للعناصر ، نعم كما قرأت، هذا الجدول الذي أُلزمت بحفظه ليس إلا نتاج حلم الكيميائي الروسي Dmitri Mendeleev ، حيث قال انه نام على فكرة الجدول وعلى العناصر التي اكتشفها ثم في حلمه ظهر الجدول كاملًا وعدله مرة واحدة فقط بعد سنين.
³
تتعدد الإكتشافات على مرور الزمن، أظن أن أحيانًا الأحلام توجهنا لنصل إلى رسالتنا في هذه الحياة. ببساطة قبل النوم فكر كثيرًا في أمر ما وقد تجد الحل الإبداعي
نصيحة: دوٍن أحلامك عندما تستيقظ قد تكون إحداها هي تلك الفكرة العبقرية التي تحتاجها.
٤. جرب العصف الذهني Brainstorming
العصف الذهني من أسرع الطرق للحصول على أفكار إبداعية. كل ما عليك فعله هو كتابة كل ما يتعلق بفكرة ما في فترة زمنية محددة دون أن تفكر مليًا في قابلية الحل، بعد ذلك يمكنك اقصاء الأفكار الغير مجدية. هذه الطريقة ستمرن عقلك ليجد كمية كبيرة من الأفكار في وقت قصير والأفكار التي تبدو في ظاهرها الغرابة ليست إلا أفكار إبداعية خام بحاجة لصقلها فقط.
نصيحة: تقنية العصف الذهني تكون في أقصى فائدتها مع المجموعة. شارك في مجموعات للعصف الذهني وستنبهر من الأفكار الرائعة التي ستنتجها في فترة قصيرة.
٥. ارسم رسمًا عشوائيًا Doodle
Doodling أو الرسم العشوائي من أفضل الطرق لتصفية العقل وفي المدى الطويل ستلاحظ أن أفكارك أصبحت أكثر تفتحًا وإبداعًا.
ليس بالضرورة أن يكون رسمك احترافي، فقط امسك بورقة وقلم ودع أناملك تتحرك قبل عقلك.
تجربة شخصية: استمتعت كثيرًا بهذه الطريقة، أفضل طريقة لتصفية أفكاري عندما لا أقدر على الكتابة.
نصيحة: خذ دفتر صغير واجعله مخصص لأفكارك ورسوماتك العشوائية.
٦. اكتب!
نعم هذه النصيحة الأكثر شيوعًا في ريشة الأمل وربما في أي مكان آخر. الكتابة حرية من نوع آخر لا تقتصر على الكُتّاب ولا على المثقفين أو أصحاب الأعمال، اكتب أي شيء في أي وقت ودع الزمن يريك أن لا بديل للكتابة في علاج النفس.
٧. تفاعل مع الطبيعة
كن جزء من الدنيا وقطعة من الطبيعة لبعض الوقت، اخرج من المنزل وتجول في ممرات المدينة. اذهب إلى الشاطئ أو المنتزه، انظر إلى السماء واشعر بقدماك تلمس الأرض، تنفس عميقًا وكن جزء من الحياة.
الإبداع لا يقتصر على عدد معين من الممارسات والتمارين، بالطبع يمكنك أن تختلق تمرينًا خاص بك يناسب أوضاعك واحتياجاتك ويناسب الفترة الزمنية التي تخصصها للتفكير الإبداعي. ما يهم حقًا هو ألا تكف عن السعي نحو التميز والإبداع، ليس لتصبح أفضل من أحد، بل لتعيش الحياة بروح متجددة وسعيدة.
بقلم: ترتيل عوض